
تغـير الحقائـق عـى أرض الواقـع نتيجـة العنـف والركـود السـياسي والعسـكري أدى إلى حالـة أصبحـت فيهـا الفيدراليـة في اليمـن بإحـدى أشـكالها أمـرا لا مفر منه
كان مقـترح تقسـيم اليمـن ضمـن نظـام فيـدرالي عـام 2014 أحـد الأسـباب الرئيسـية للنـزاع الحـالي، حيـث كان مـن المفـترض أن تضـع الخطـة التـي اقترحهـا الرئيـس عبـد ربـه منصـور هـادي البـلاد عـى الطريـق نحـو مسـتقبل أكـثر سلاماً مـن خـلال معالجـة مظالـم محليـة قديمـة تجـاه الحكومـة المركزيـة. نبـع هـذا الاسـتياء إلى حـد كبـير مـن شـعور بالظلـم فيمـا يتعلـق بالتنميـة غـير العادلـة في البـلاد، واحتـكار السـلطة السياسـية والاقتصاديـة والعسـكرية في العاصمـة صنعـاء. رغـم ذلـك، فـإن مقـترح الفيدراليـة لـم ينجـح في منـع انـدلاع الحـرب ولـم يقلـل مـن مشـاعر الغضـب والاسـتياء للمناطـق اليمنيـة المختلفـة بـل فاقمهـا وتصاعـدت مطالبهـا نحـو الحكـم الـذاتي.
كان الإخفـاق الرئيـسي في مقـترح الرئيـس هـادي لليمـن الفيـدرالي افتقـاره إلى آليـة يتـم مـن خلالهـا توزيـع عائـدات البلاد مـن المـوارد الطبيعيـة عـى مختلـف الأقاليـم. ومـن خـلال هـذا الإغفـال، كان مـن شـأن المتقـرح أن يـؤدي لنشـوء أقاليـم ذات كثافـة سـكانية منخفضـة تتمتـع بتحكـم ذاتي بمواردهـا الطبيعيـة، مـع تـرك الأقاليـم ذات الكثافـة السـكانية العاليـة بـدون مـوارد – لا سـيما العاصمـة والمناطـق الشـمالية الأخـرى – والتـي كانـت تعتمـد في السـابق على هذه الموارد.كما أن مقترح هادي حرم أيضاً جماعة الحوثيين المسـلحة من أي منفذ بحري، وهو ما عارضته قيـادة الجماعـة بشـدة.
ومنـذ بدايـة الصـراع القائـم، واصـل الرئيـس هـادي الترويج للخريطـة الفيدراليـة لعـام 2014 كوسـيلة لتحسـين
احتمـالات الإسـتقرار عـى المـدى الطويـل في سـيناريو مـا بعـد النـزاع. وبالنظـر إلى المعارضـة الشـديدة التـي واجهتهـا الخطة لدى كشف النقاب عنها، وتحولها إلى عامل رئيسي لتحفيز التوسع العسكري والسياسي لقوات الحوثيين،فـإن الدعـم الشـعبي بعـد انتهـاء الصـراع لنسـخة الرئيـس هـادي مـن الفيدراليـة يبقـى أمـراً مستبعداً للغاية.
لقـد تغـيرت الحقائـق عـى أرض الواقـع بشـكل ملحـوظ نتيجـة للعنـف والركـود السـياسي والعسـكري الـذي طـال أمـده، ممـا أدى إلى حالـة أصبحـت فيهـا الفيدراليـة في اليمـن بإحـدى أشـكالها أمـرا لا مفر منه. الواقـع أن اليمـن غير المركـزي (الفيـدرالي) قـد أصبـح أحـد النتائـج الفعليـة للحـرب حتـى الآن، فقـد تزايـدت دعـوات القـوى السياسـية في جنـوب اليمـن التـي انضمـت إلى حكومـة هـادي ضـد تحالـف الحـوثي – صالـح، إلى الحكـم الـذاتي وحتـى إلى الانفصـال، ويملـك المجلـس الانتقالي الجنوبـي، وهـو مجموعـة انفصاليـة تدعمهـا الإمـارات، سـلطة سياسـية أكـثر ممـا يمتلكـه هـادي قي عـدن – العاصمـة المؤقتـة للحكومـة اليمنيـة –. وفي الوقـت نفسـه حققـت المحافظـات الغنيـة بالنفـط والغـاز مثـل مـأرب وحضرمـوت درجـة كبـيرة مـن الاسـتقلالية السياسـية والسـيطرة عـى مواردهـا الطبيعيـة خلال الصراع. نتيجة لذلك، فإن السكان داخل هذه المناطق يعارضون بشكل عام العودة إلى موقعهم السياسي والاقتصـادي الخاضـع في السـابق.
مـن المرجـح لـدى الغالبيـة أن احتمـال تحقيـق نصـر عسـكري لأي طـرف في الصـراع الدائـر ضئيـل للغايـة. فبعـد أي
نهايـة تفاوضيـة محتملـة للنـزاع الدائـر وأي عمليـة مصالحـة لاحقـة، مـن الضـروري إجـراء نقـاش واسـع النطـاق
حـول موضـوع الفيدراليـة – وبدائـل أخـرى ممكنـة – لتجنـب تكـرار أخطـاء العمليـة السياسـية المعيبـة التـي أدت إلى الحـرب الحاليـة. وبـدلاً مـن تأجيـل هـذه النقاشـات إلى مـا بعـد انتهـاء النـزاع، ينبغـي إجـراء مباحثـات تمهيديـة مـع مجموعـة متنوعـة مـن أصحـاب المصلحـة لفهـم مطالبهـم ورؤاهـم الرئيسـية للحكـم في اليمـن في مرحلـة مـا بعـد النـزاع، ويجـب أن تتـم هـذه المسـاعي الدبلوماسـية بالتـوازي مـع محادثـات السـلام الحاليـة التـي تدعمهـا الأمـم المتحـدة لإنهـاء النـزاع.
مصادر أخرى قد تكون مهتمًا بها:
نحو الشرق: دراسة في تحولات العلاقة السعودية مع القبائل اليمنية
مناقشة السياسة السعودية تجاه القبائل في شرق اليمن، مع تسليط الضوء على التركيز الأخير على المنطقة، وتقييم أثر ونجاح هذه السياسة. يتضمن مناقشة مفيدة حول القبائل الرئيسية وقياداتها في حضرموت بشكل خاص.
دور الشبكات النسائية في التمكين الاقتصادي والاجتماعي في حضرموت
استكشاف دور شبكات المرأة في محافظة حضرموت في تقديم الدعم للمرأة والوصول إلى القرارات السياسية والتقدم الاقتصادي.
أوجه الفساد في قطاع الإنتاج الكهربائي في حضرموت
تحليل وضع قطاع الكهرباء في محافظة حضرموت، مع تسليط الضوء على ممارسات الشراء الإشكالية لصالح عدد قليل من المسؤولين العموميين المؤثرين وكبار رجال الأعمال، والدعوة إلى مزيد من المساءلة والشفافية والرقابة.