دراسة تفصيلية للتحديات التي تواجه الحكم المحلي في اليمن وكيف تتعامل المجالس المحلية مع الصراع.و تتضمن الورقة دراسات حالة و توصيات
تعتبر المجالس المحلية من أهم المؤسسات الرسمية اليمنية، فهي مسؤولة عن توفير الخدمات العامة الأساسية لملايين اليمنيين، كما تمثل الحكم الرسمي والدولة اليمنية لشريحة ضخمة من السكان، إلا أن تفاقم النزاع منذ آذار/ مارس 2015 قوض قدرة هذه المجالس على العمل بفعالية في معظم أنحاء البلاد. تعتمد المجالس المحلية بشكل كبير على التمويل الحكومي وبدرجة أقل على الإيرادات المحلية كالرسوم على المرافق الأساسية والهاتف، لذلك أدى الانهيار الاقتصادي السريع الذي شهدته البلاد، والانخفاض اللاحق في الإيرادات الحكومية وضعف قدرات البنك المركزي، إلى إضعاف قدرة المجالس المحلية على العمل. كما ساهم عدم دفع أجور موظفي الخدمات المدنية وانخفاض القدرة الشرائية لليمنيين في تفاقم الأزمة الإنسانية، وتحجيم قدرة المجالس المحلية
على جمع الموارد.
وبشكل عام، ترك نقص الموارد المجالس المحلية عبر اليمن عاجزة عن العمل بكامل قدراتها أينما وجدت. الاستثناءات البديهية لهذه القاعدة كانت في محافظتي مأرب وحضرموت اللتان تتمتعان باستقرار أكبر وموارد مرتفعة نسبياً. المجالس المحلية هناك تعمل بدرجة أعلى من مثيلاتها. كما تلقت بعض المجالس المحلية، كتلك المتواجدة
في محافظتي إب وحضرموت، تبرعات من رجال أعمال يمنيين مما ساعد على استمرار عملها إلى حد ما.
تزايد وتيرة العنف والاضطراب منذ أذار/مارس 2015 فاق قدرة الشرطة المحلية والسلطة القضائية – المؤسسات التي كانت توفر في السابق درجة من حفظ النظام محلياً – وبالنتيجة حظيت المجالس بحماية متواضعة أثناء عملياتها، ومع تآكل قدرة الدولة على توفير الأمن والخدمات العامة، تراجعت ثقة المدنيين بالمجالس المحلية وبالدولة نفسها، فقد أدى غياب الحكم الرسمي الفعال في العديد من المناطق إلى إيجاد أرضية خصبة لجهات فاعلة غير رسمية لتفرض سلطتها حتى على المجالس المحلية. من جانب آخر قُيدت قدرة المجالس على الإدارة الذاتية والمناورة في مناطق سيطرة الحوثيين نظراً لتبني الحوثيين وتطبيقهم لمركزية السلطة وبالتالي العمليات المحلية كتقديم المنح والمساعدات الإنسانية صارت تدار مركزياً من قبل الحوثيين، وبإشراف عناصر حوثية عن كثب على أنشطة المجالس المحلية.
وبالرغم من أن التدخلات في عمل المجالس أكثر تكرراً في مناطق سيطرة الحوثيين، تواجه تلك المجالس تدخلات في باقي المناطق. ففي عدن وهي نموذج واضح لذلك تكون المجالس المحلية أكثر عرضة لتدخلات القوى المتنافسة التي تخوض دورات من الصراع على السلطة بين كيانات جنوبية ذات نزعة انفصالية وبين الحكومة المعترف بها دولياً.
وبأخذ الدور الجوهري الذي كانت تلعبه المجالس المحلية في توفير الخدمات العامة، تثير قدرتها المحدودة حالياً قلقاً بالغاً وسط تصاعد الاقتتال وتفاقم الأزمة الاقتصادية والإنسانية في اليمن.وبالرغم من ضعف أداء غالبية المجالس المحلية اليمنية حاليا، إلا أنها تظل أداة مهمة للمجتمعات التي تمثلها، خاصة فيما يتعلق بتنسيق عمليات الإغاثة مع المنظمات غير الحكومية المحلية والدولية. وفي كل مراحل الصراع، كانت المجالس منخرطة بشكل مباشر في تخفيف التوتر وتسوية النزاعات، مستفيدة من معرفتها العميقة بالديناميكيات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والقبلية المحلية المعقدة لتنسيق وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى والمرور الآمن للسلع الأساسية والمساعدات الإنسانية عبر الخطوط الأمامية.
وبغض النظر عن المسار العسكري، من الضروري ألا يعمل اللاعبون (المحليون والإقليميون والدوليون) على منع انهيار السلطة المحلية فحسب، بل عليهم أن يرتبوا مسبقاً لدعم القدرات الاستيعابية للمجالس المحلية في سيناريوهات ما بعد الحرب.
قبيل تصاعد الصراع الحالي، أيدت عدة أحزاب بناء نموذج لامركزي للحكم في اليمن، وكما جرى في مؤتمر الحوار الوطني على سبيل المثال، أدى الصراع من غير إدراك إلى تحريك سلسلة من عمليات اللامركزية والأقلمة، فبينما يتجزأ اليمن أكثر فأكثر، توضع المصالح والمطالب المحلية فوق كل اعتبار، ووسط غياب السلطة المحلية، برزت نماذج فعالة من الحكم المحلي، لاسيما في محافظتي مأرب وحضرموت. سيتوجب رسم نظام حكم جديد في مرحلة من المراحل لعكس الواقع الحالي على الأرض. والمجالس المحلية هي ضمن المؤسسات الأفضل تجهيزاً وبناءً لدعم الانتقال من نظام الدولة المركزية الحالي إلى نموذج جديد.
مصادر أخرى قد تكون مهتمًا بها:
تقرير تقييم النزاعات على المياه
يتناول هذا التقرير تحليل النزاعات المتعلقة بالمياه في محافظات أبين، وذمار، وحضرموت، وله هدفين رئيسيين، هما: جمع الأدلة وبناء المعرفة و فهم النزاعات على المياه، والخروج بتوصيات تراعي تلك النزاعات موجهة للبرامج.
إصلاح جهاز الإدارة العامة وتحديات إعادة بناء الدولة في اليمن
تهدف هذه الدراسة إلى تسليط الضوء على واقع جهاز الإدارة العامة في اليمن، وتأثير المراحل، التي مرّ بها هذا البلد منذ اندلاع ثورة الشباب في عام 2011 وحتى الآن، في هذا الجهاز، وإذا ما كان بواقعه الحالي عاملً مساعدًا أم عاملًا معوقًا لجهود إعادة بناء الدولة في المرحلة المقبلة.
تغير المناخ والصراع في حضرموت والمهرة
تستكشف الورقة ما تقوم به السلطات والمجتمعات المحلية والجهات الفاعلة الدولية، وما يمكنها أن تفعله في المستقبل للتخفيف من آثار تغير المناخ وتحسين إدارة الصراعات الناجمة عنه. ويركز التقرير بشكل عام على القضايا التي تواجه سكان محافظتي المهرة وحضرموت بغض النظر عن إرتباطها المباشر من عدمه بالتغيير المناخي. ذلك، لأن تصنيف المشاكل البيئية ليس بالأمر […]